تخليدًا للدماء الزاكية ووفاءً للنهج المقاوم، أقام حزب الله الاحتفال التكريمي لشهداء مدينة الخيام الجنوبية، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين، مفتي مرجعيون وحاصبيا الشيخ عبد الحسين عبد الله إلى جانب عوائل الشهداء، وعلماء دين، وفعاليات، وشخصيات، وحشود من المدينة والقرى المجاورة.
بعد آيات من القرآن الكريم والنشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الله، ألقى النائب عز الدين كلمة قال فيها أنه في محضر الشهداء يكون الكلام صعبًا، والبيان أصعب، كيف ونحن في محضر شهداء مدينة الخيام التي صمدت وجاهدت وقدّمت وسطّرت بشهدائها ومجاهديها وأهلها ملحمةً سيكتب عنها التاريخ بأحرفٍ من ذهب، لأن هذا الصمود الذي حصل ما كان ليحصل لولا أن هؤلاء الشهداء، الذين تنافسوا فيما بينهم للمجيء إلى الخطوط الأمامية، وإلى القرى التي أدركوا أن العدو قد وضعها على خارطة الطريق لاحتلالها والبقاء فيها والسيطرة عليها والتحكم بها، ولولاهم لما استطعنا اليوم أن نأتي إلى هنا لنقيم هذا الحفل، ولكان العدو الصهيوني يحتلّ إلى جنوب نهر الليطاني أو إلى ما بعده، لأن هذا العدو عندما دخل بريًّا ليحتلّ كان يريد أن يصل إلى الليطاني لخلق منطقة عازلة تجعل مستوطناته الأمامية بمأمنٍ عن سلاح المقاومة وصواريخها.
وأضاف النائب عز الدين: هؤلاء الشهداء أدركوا أنهم مقبلون على الاستشهاد، فأتوا بروحيةٍ عالية لمواجهة العدو وتنافسوا فيما بينهم للمشاركة، ورسموا هذه الأسطورة التي ستبقى منقوشة على صفحات التاريخ ولن يستطيع العدو أن ينسى ما حصل له وما تكبده من خسائر بعد أن عجز عن احتلال مدينة الخيام والبقاء فيها والسيطرة عليها والتحكم بها، بعد أن زجّ لها فرقة من جيشه لاحتلالها ولم يتمكن من ذلك، ونؤكدها هنا أننا جميعًا مدينون لهؤلاء الشهداء ولتضحياتهم ولدمائهم الطاهرة والمقدسة التي روت هذه الأرض التي نحيا عليها، وكل ذلك قاموا به دفاعًا عن هذا الوطن، وعن سيادته وحريته ومكانته، هذا الوطن الذي لا نقبل إلا أن ترسمه دماء هؤلاء الشهداء، لأنهم هم الأحق برسم صورته، هؤلاء الذين قدّموا أغلى ما عندهم، أغلى ما في الوجود، قدّموا أنفسهم لأجل أن نحيا نحن، ولأجل أن يبقى هذا الوطن عزيزًا.
وتابع النائب عز الدين: هذه المقاومة التي انتموا إليها، هي مقاومة لم تسقط ولن تنهزم ولم تنكسر، وما زالت تملك الإرادة والحافزية كما تملك القضية المحقة في الدفاع عن الأرض والكرامة، وهذا العدو يريد القضاء عليها، لأنه أدرك أن بقاءها يعني استحالة احتلال أرضنا أو البقاء فيها، وهذه النقاط التي ما زال يحتلها سيخرج منها عاجلًا أم آجلًا، وقد أفشلت المقاومة كل مخططاته وأهدافه، فلم ينجح في إعادة المستوطنين إلى الآن، وكان يريد سحق المقاومة وحزب الله، والقضاء على حماس أو تهجير أهل غزة، ولكنه لم يستطع تحقيق أي من أهدافه، والتجربة في غزة واضحة وجليّة، فهو رغم المجازر التي ارتكبها والحصار والجوع وتدمير المستشفيات والبنى التحتية، كما حصل في عددٍ من القرى على خط التماس في لبنان، لم يتمكن أيضًا من تحقيق أهدافه.
وشدّد النائب عز الدين على أن المقاومة في لبنان استعادت عافيتها، وما زالت قائمة وموجودة، وتستطيع أن تواجه في أي لحظة قد يشنّ فيها العدو هجومًا بريًّا أو يحاول احتلال مزيدٍ من الأراضي، مشيرًا إلى أن دماء هؤلاء الشهداء هي التي أوقفت هذا العدوان الذي استغاث فيه الإسرائيلي بالأمريكي لوقف إطلاق النار ووقف العمليات، إذ أن المقاومة لم تمكّنه من احتلال أي قرية أو السيطرة على الميدان، فاستنجد بأمريكا، وحصلت ضغوطات آنذاك وما زالت هذه الضغوط تمارس على لبنان حتى اليوم.
وقال النائب عز الدين: إذا أردنا أن نتحدث عن أهمية وعظمة هذه المقاومة، ففي المعادلة العسكرية بين الجيش وبين المقاومة لا تعتمد على ميزان القوى العسكرية فقط، وإلا لما استطعنا في العام ألفين تحرير الجنوب وهزيمة العدو، لأننا لم نكن نملك الأسلحة التي يملكها العدو ولا القدرات الاستخبارية والتجسسية، ومع ذلك استطاعت المقاومة أن تحرر الأرض من الاحتلال الإسرائيلي، فيكفي إذاً أن تكون المعادلة بين المقاومة والجيوش المستعمرة أو المحتلة ليست بالمساواة في القدرات العسكرية، إنما ما يجعل المعادلة متوازية هو أننا نملك قضية حق، ونملك إرادة، ونملك حالة معنوية وروحية وحافزية في القتال، مذكّرًا بقول رئيس كيان الاحتلال الأسبق إسحاق رابين أثر عملية كمين شيحين عام 1993 الذي نفذته المقاومة الإسلامية وأوقعت فيه عشرة قتلى من الجنود الصهاينة: “لقد هزمنا حزب الله، لأننا ماذا نفعل لإنسانٍ يقتحم الموت وهو يبتسم؟”
وأكد النائب عز الدين أن هذه التضحيات وإن دماء هؤلاء الشهداء، هي أمانة في رقابنا فنعاهدهم بأننا لن نخون
الأمانة، وسنبقى على العهد والنهج والصراط المستقيم الذي ساروا عليه، وأن هذا القتل المتنقّل الذي يمارسه العدو في سياق الضغوطات العسكرية والأمنية، ما هو إلا ضغط وتهويل نفسي وترهيب اقتصادي في محاولة لإبقاء حالة الرعب والخوف قائمة، وأن تدمير الآليات والبنى التحتية المدنية، لن يجعلنا نستسلم لإرادة هذا العدو، وما وجودنا اليوم في مدينة الخيام وفي القرى الأمامية الأخرى إلا تحدٍّ لهذا العدو، وهذا السلاح الذي يستخدمه لن ينفعه على الإطلاق ولن يتمكن من كسر إرادتنا في الصمود والبقاء.
وقال النائب عز الدين: العدو يمارس الاعتداء فيستهدف مصانع أسمنت وجرافات وآليات وأماكن مدنية بهدف منع إعادة الإعمار، ولكننا في هذا الملف تحديدًا نحن سنبقى نتابع مسؤوليتنا على المستوى النيابي والسياسي والحزبي من أجل الضغط على الحكومة لتدرج في موازنة 2026 بندًا لإعادة البناء والإعمار باعتباره من أولويات البرنامج الحكومي الذي نالت الحكومة الثقة على أساسه، وأولويتنا الثانية هي إخراج العدو من الأرض التي يحتلها.
وأضاف النائب عز الدين: نسمع اليوم عن نغمة التفاوض مع العدو، فإذا كان المقصود به ما كان سابقًا في اللجنة الثلاثية لترسيم الحدود وتحديد النقاط المختلف عليها، فهذا أمر كما حصل سابقًا تتولاه الدولة، أما إذا كان المطلوب من التفاوض هو الوصول إلى “السلام” الإسرائيلي أو “التطبيع” أو إقامة علاقات مع العدو الصهيوني، فهذا أمر مرفوض ومدان، لأن أغلب الشعب اللبناني يرفض إقامة علاقات مع العدو الصهيوني، ولا أعتقد أن الحكومة تريد ذلك أو إلاّ تكون قد تجاوزت القوانين النافذة والمرعية الإجراء بمعاقبة كل من يتصل بالعدو الإسرائيلي أو يقدم أي معلومة أو مساعدة، فكيف أن يقيم علاقات مع هذا العدو.
وختم النائب عز الدين: للأسف، نجد بعض النواب والسياسيين على شاشات التلفزة بدأوا بالتسويق لهذا الطرح، ولكن لا شك أن أهل المقاومة وشعبها وأهل الجنوب وكل الشرفاء في لبنان من مختلف الطوائف والذين يمثلون أكثر من 60 بالمئة وفق الإحصاءات والدراسات الأخيرة يرفضون هذا التفاوض المباشر الذي يؤدي إلى إقامة علاقات أو تطبيع أو سلام موهوم يريده ترامب سلامًا بالقوة قائمًا على الظلم وليس على العدل، وهذا لن يكون.
العلاقات الإعلامية في حزب الله
الثلاثاء 21-10-2025
28 ربيع الثاني 1447 هـ
الرضوان آلأخبآࢪية اخر الاخبار المحلية والدولية