فـؤاد شـكـر وإبـراهـيـم عـقـيـل: عـن شـراكـة فـي فـهـم الأصـل والأدوات والـبـحـث عـن الـنـصـر

إبـراهـيـم الأمـيـن – الأخـبـار

حتى إشعار آخر، سيبقى الحديث الحقيقي عن ما جرى خلال العامين الماضيين، أمراً صعب المنال.

الأمر، ببساطة، مرتبط بحقيقة أن الحرب التي تقوم الآن مع العدو، فيها قواعد لا تشبه كل ما عرفه العرب منذ قيام الكيان.

وفي المعركة الجديدة، آليات تفكير وأدوات عمل، يُفترض أن لا تشبه البتة كل ما سبق. لكنها، قبل ذلك كلّه، حرفة الصمت، والقدرة على الكتمان.

وسط هذا الجهد المتنوّع، الجاري تحت النار، تستمر لجان التحقيق – التقييم في عملها. وهي مهمة ينتظر الجمهور نتائجها بشغف.

لكنها مهمة، لا تقلّ ثقلاً عن عملية بناء الاستراتيجية الجديدة للمقاومة.

والأهم فيها، أنها تحصل، وعلى الجمهور، أن يهدأ قليلاً، وأن يصبر ولا يلحّ في معرفة ما يجب معرفته، لأن الحديث يحتاج إلى ظروف خاصة.

ومثلما وثق الناس بقيادة المقاومة، التي قاتلت واستشهدت، أو التي صمدت ولا تزال في قلب المعركة…

من المهم أن يثق الجمهور، بأن من يتولّى مهمة تقصّي الحقائق، مجموعة أَكْفَاء، يقف على رأسهم، رجل مشهود له، بالنزاهة والمعرفة والإخلاص والعدل.

وهو واحد من الذين يفعل أكثر ما بوسعه، من أجل الوصول إلى ما يجعل الصورة واضحة…

الحديث سببه، أن الحديث عن القادة الشهداء، لا يزال محفوفاً بالمخاطر. وفيه الكثير من الأمور التي لا تزال حاضرة في الميدان.

وبرغم كل ما قيل عن قدرات العدو التجسّسية، فهو لا يزال يبحث عن تفاصيل كثيرة، بما يخدم هدفه بسحق المقاومة، فكراً وتنظيماً وناساً.

وهو عدو يعرف بأن ما يقوم به، يبقى في أحسن الأحوال، تطبيقاً لاستراتيجية «جزّ العشب».

فلا هو نجح، ولا هو يتجرّأ على ادّعاء القدرة على إنهاء المقاومة.

في مثل هذه الأيام، من العام الماضي، دخلت المنطقة منعطفاً خاصاً، هو الثاني بعد «طوفان الأقصى».

وما فعله العدو في لبنان، كان له تأثيره على ما هو أبعد بكثير من لبنان.

ولولاه، لَما كانت سوريا خرجت من محور المقاومة، ولَما كانت إيران قد ضُربت، ولا حتى قطر.
وعندما نجح العدو في الوصول إلى قادة المقاومة البارزين، فهو سجّل انتصاراً واضحاً.

لكن لم يترجمه هزيمة للمقاومة، التي تتصرّف بتواضع كبير، إزاء حقيقة تعرّضها لخسارة ثقيلة، لكن، مع قناعة بالقدرة على تجاوزها.

وهنا، يصبح الحديث عن المواجهة مرتبطاً بقوة، بالخطط التي كان بين القادة الشهداء من وضعها وفكّر فيها.

وهي جزء من أدوات البحث عند جيل جديد من القادة الذين يختبرهم الله كلّ يوم.

من بين القادة الذين استشهدوا العام الماضي، يوجد اثنان فيهما الكثير من العناصر المشتركة على صعيد الموقع والدور.

كانا كولدين لعائلة واحدة، لكل منهما، كتلة الأحاسيس الخاصة به، وأدوات التعبير التي يحبها.

لكنهما، ظلّا حتى يوم استشهادهما، يخدمان في ميدان واحد، قبل أن يُدفنا في موقع واحد، كما رغبا.

فؤاد شكر وإبراهيم عقيل، شخصان عرفتهما في مراحل مختلفة من عمرهما الجهادي، وتعرّفت إلى الكثير من الأعمال التي كانا خلفها، أو قاداها خلال أربعين عاماً.

وأعرف جيداً، أن لكل منهما، بصمته التي لا يمكن إغفالها مهما حصل من أحداث.

وسيبقى الجميع يذكرهما، كما فعل مع الشهيدين اللامعين، عماد مغنية ومصطفى بدر الدين.

في سيرة الرجلين، حكايات كثيرة عن رحلة المقاومة. لكن ما هو أهم، يتعلق بخلاصات صارت من الثوابت في عقليْهما، عند الحديث عن المقاومة كفكرة وقدرة وإرادة وأعمال.

أجد نفسي أمام خلاصة ردّدها «السيد محسن» دائماً، فهو أوجزها بطريقة عفوية لأول مرة، ليعود بعد عقد من الزمن، لصياغتها بطريقة أكثر حرفية، قبل أن يعود بعد عقد آخر، ليرسم الصورة بشكل واضح وبسيط.

خلاصة واحدة من رحلة طويلة مع الشهيد شكر، أحاول صياغتها بعباراته، وفيها يقول:

إن المقاومة، فعل أريد منه إعادة الناس إلى موقعهم الطبيعي في التصدّي للعدوان ومقاومة الاحتلال.

ولم تكن المقاومة لتخلق حقيقة قائمة قبلها، تتصل بمقاومة الظلم والقهر والطغيان.

وإن ما فعلته المقاومة في لبنان، هي أنها اجتهدت لتقدّم نموذجاً يثق الناس به، فلا ينزعجون إن امتشق أولادهم السلاح.

وقدّمت المقاومة نموذجاً قيادياً، يعمل على تحقيق شعار الإمام الخميني القائل بـ«نحن نستطيع»

ثم كان لقادتها موقع أساسي في تعزيز المصداقية عند الناس، فتعرّف الناس إليهم، كقادة منخرطين، مخلصين وصادقين، وقد أفنوا أعمارهم في الجهاد واستشهدوا في الميدان.

ثم إن المقاومة في لبنان، عرفت من اليوم الأول، أن عليها أن تبدأ القتال. وأن تقاوم الاحتلال بالنار، وأن تعلن رفضها خيار التطبيع والاستسلام.

وهي عندما تنامت، كانت تعرف أن التضحيات شرط للبقاء، لكنها، لم تكن لتفرّط في العباد.

وبعد 14 سنة من اجتياح 1982، أرست المقاومة أول قواعد اشتباك مع العدو تحمي فيها المدنيين.

شاهد أيضاً

ليلة عويل جنود العـ. ـدو في عديسة: 5 تشرين الأوّل 2024

أكثر من 15 جنـ. ـديًا إسـ. ـرائيليًا سقطوا بين قـ. ـتيل وجريح على أرض بلدة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *