أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، بأن إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله مع اقتراب ما وصفته بالموعد النهائي لنزع سلاحه جنوب نهر الليطاني نهاية العام، رغم تقدير واشنطن بإمكانية منع التصعيد. وادّعى مسؤولون إسرائيليون، بحسب الصحيفة، أنّ المواجهة باتت حتمية بزعم تعافي حزب الله وتعزّز قدراته، متهمين الجيش اللبناني بعدم القيام بالدور المطلوب.
في هذا السياق، قدّم الخبير العسكري والاستراتيجي العميد علي أبي رعد قراءة مغايرة لهذه التهديدات وخلفياتها السياسية والعسكرية.
الخروقات أداة ضغط.. والتفاوض الهدف
قال العميد علي أبي رعد في حديث إلى موقع “LebanonOn” إنّ العدو الإسرائيلي يستخدم الخروقات التي ينفّذها كوسيلة تهديد وضغط على الدولة اللبنانية، بهدف فرض ما يريده، وهو الانتقال إلى تفاوض مباشر مع الدولة اللبنانية، وصولًا إلى مستوى من التنسيق الأمني، وهو أمر ترفضه الدولة اللبنانية بشكل واضح.
“تعافي حزب الله”.. ادّعاء بلا دليل
أمّا في ما يتعلّق بالتهديدات الإسرائيلية التي تزعم أنّ حزب الله يعيد تأهيل نفسه ويزيد من قدراته، فأكد أبي رعد أنّه لا يوجد أي دليل على ذلك سوى التصريحات الإسرائيلية نفسها، والتي تندرج في إطار الحرب النفسية والضغط على البيئة الحاضنة للمقاومة، عبر التلويح بالحرمان واستخدام القوة، في وقت يعاني فيه العدو الإسرائيلي من ضغوط داخلية كبيرة.
الشمال الإسرائيلي مأزوم.. والمستوطنون يرحلون
ولفت إلى أنّ مظاهرات تشهدها مستعمرات شمال فلسطين المحتلة، ولا سيما في كريات شمونة وغيرها، حيث يهدّد المستوطنون بالانسحاب وترك المنطقة نتيجة تقصير الحكومة الإسرائيلية في إعادة الإعمار وتأمين العودة، مشيرًا إلى أنّ نسبة العائدين لا تتجاوز 20 إلى 30 في المئة فقط.
المنطقة العازلة: الهدف الحقيقي للتهديد
وأوضح أنّ هذه الضغوط الداخلية تدفع العدو الإسرائيلي إلى رفع منسوب التهديد تجاه لبنان، في محاولة للإبقاء على جنوب لبنان منطقة خالية من السكان، وتحقيق هدفه بإقامة منطقة عازلة بعمق خمسة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، لتفادي أي تهديد محتمل للمستوطنات الشمالية.
لا مؤشرات حرب.. والأرقام تكشف الحقيقة
وبناءً على ذلك، شدّد أبي رعد على أنّ التصعيد القائم لا يعكس نية فعلية للحرب، إذ لا توجد أي مؤشرات ميدانية على استعداد عسكري واسع. وذكّر بأنّ العدو حشد في الحرب السابقة خمس فرق عسكرية، قوامها بين 70 و75 ألف جندي، فيما لا يوجد اليوم على الحدود اللبنانية سوى فرقة واحدة هي الفرقة 91، المعروفة بفرقة الشمال، والتي لا يتجاوز عديدها 12 ألف جندي.
وأضاف أنّ أي اجتياح بري لجنوب لبنان يتطلّب تحضيرات تمتد من شهرين إلى ثلاثة أشهر، تشمل حشد القوات وتعزيزها، وهو ما لا تظهره صور الأقمار الصناعية ولا المعطيات الجوية، إذ لا توجد أي تعزيزات إسرائيلية جدية على الجبهة الشمالية.
استهداف الجيش: ضرب لشرعية الدولة
واعتبر أنّ اتهام الجيش اللبناني بعدم القيام بواجباته يندرج في سياق محاولة ضرب شرعية الدولة اللبنانية أمنيًا، مؤكدًا أنّ الجيش ينفّذ كل ما هو مطلوب منه ضمن الإمكانيات المتاحة. فقد انتشر في جنوب لبنان وفق خطة من خمس مراحل أعلنها قائد الجيش، ولا يمكن الانتقال إلى المرحلة الثانية قبل استكمال المرحلة الأولى جنوب نهر الليطاني.
احتلال النقاط الست.. تثبيت لا انسحاب
وأشار أبي رعد إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يزال قائمًا في ست نقاط، والدليل على عدم نيته الانسحاب هو إنشاء مراكز عسكرية ثابتة فيها، محصّنة بالجدرا الإسمنتية والأسلاك الشائكة والتجهيزات الكاملة، ما يؤكد أنّها مواقع دائمة وليست مؤقتة.
إشادة دولية بأداء الجيش اللبناني
وتابع: في المقابل، حظي أداء الجيش اللبناني بإشادة دبلوماسية وعسكرية دولية، خلال زيارات قام بها مسؤولون أجانب، من بينهم السفير الأميركي والسفير السعودي، الذين أبدوا إعجابهم بالانتشار الذي نفّذه الجيش في جنوب لبنان. كما نظّم الجيش جولات ميدانية للصحافيين، واطلعهم على أنفاق ومنشآت عسكرية تم اكتشافها، في دليل إضافي على قيامه بواجباته.
نزع السلاح هدف فاشل.. والبديل سياسي
وأضاف أبي رعد بالتأكيد على أنّ الهدف الأساسي للعدو الإسرائيلي في أي حرب هو القضاء على حزب الله ونزع سلاحه، وهو أمر لم يتحقق سابقًا ولم يعد واقعيًا اليوم. كما لفت إلى أنّ مسؤولين أميركيين أكدوا عدم قدرة أي طرف على نزع سلاح حزب الله، وأنّ المطلوب هو احتواؤه، ما يدلّ على أنّ الولايات المتحدة لا ترغب في التصعيد أو الفوضى في لبنان، بل تسعى إلى حل سياسي قد يكون عبر اتفاقات أمنية أو بالعودة إلى اتفاقية الهدنة بدلًا من الخيار العسكري.
وختم: إصرار العدو الإسرائيلي على سياساته التصعيدية سيُظهر بشكل أوضح تضارب المصالح مع الولايات المتحدة، وهو ما بدأت ملامحه بالظهور في المواقف الأميركية الأخيرة حيال ما يجري في سوريا وغزة ولبنان، حيث باتت الخلافات حول المرحلة المقبلة أكثر وضوحًا.
الرضوان آلأخبآࢪية اخر الاخبار المحلية والدولية