🗞️ إبراهيم الأمين – الأخبار
التعقيدات المحيطة بملف العلاقات بين لبنان وسوريا لا تقتصر على عدم التوصل إلى اتفاق قضائي بين البلدين حتى الآن، بل في التباين الواضح في نظرة المسؤولين اللبنانيين إلى كيفية إدارة هذا الملف. إذ يبدو الرئيس نواف سلام أكثر تفاعلاً معه، مقارنة برئيس الجمهورية جوزيف عون الذي لا يمانع التوصل إلى تفاهمات تسمح بإقامة علاقات جدية وندّية بين البلدين.
واللافت أن دمشق، التي تسعى إلى معالجة عدد من الملفات العالقة مع لبنان، تتصرف من موقع القوة، إذ تقف الولايات المتحدة والسعودية إلى جانبها، وليس إلى جانب لبنان كما يعتقد بعض المسؤولين في بيروت.
وينعكس هذا أحياناً في لغة التخاطب بين الوفود أثناء المحادثات، وصار واضحاً أن دمشق تربط عملياً كل أشكال التعاون مع لبنان بإنجاز هذه الخطوة.
ولخصت مصادر مشاركة في المحادثات ما يحدث بالآتي:
أولاً، يبدو أن الرئيس سلام يتصرّف على أساس أن ملف العلاقات مع سوريا بيده، وليس بيد رئيس الجمهورية. إذ كلف نائبه، الوزير طارق متري، الإشراف الكامل على هذا الملف، بما في ذلك التواصل مع القيادة السوريّة، وطلب منه التشاور الدائم مع الرئيس عون وإطلاعه على تفاصيل الملفات أولاً بأول، وهو ما يقوم به متري منذ أسابيع. كما كلفه سلام باستقبال أي مسؤول سوري يزور بيروت، والتنسيق مع جميع الوزارات اللبنانية المعنية بالعلاقات مع سوريا، وأن يكون على اطلاع دائم على ما تقوم به القوى العسكرية والأمنية.
ثانياً، تبلّغ لبنان من الجانبين السعودي والأميركي أن دمشق مصرّة على إنجاز ملف الموقوفين قبل الشروع في معالجة الملفات الأخرى. وسمع المسؤولون اللبنانيون هذا مباشرة أو عن طريق وسطاء. كما أكّد الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني صراحةً أمام متري أن معالجة ملف الموقوفين أولوية، وأن دمشق لا ترى أي صعوبات في معالجة بقية الأمور بعد ذلك.
ثالثاً: تقول دمشق إنها معنية بالإفراج عن 2600 سوري محتجزين في السجون اللبنانية، سواء كانوا محكومين أو موقوفين من دون محاكمة، على أن تتولى إدارة ملفاتهم الأمنية بعد وصولهم إلى العاصمة السورية. وبدأ لبنان منذ نحو شهرين القيام بـ«مبادرات حسن نية»، تمثلت في الإفراج عن أكثر من 120 سورياً كانوا موقوفين من دون محاكمة، بعد التأكد قضائياً من خلو ملفاتهم من أي قضايا خطيرة، ما سمح بإطلاق سراحهم وسفرهم إلى سوريا.
أدخل وزير العدل تعديلات على مسوّدة الاتفاقية، اعتبرها السوريون مساً بسيادتهم، ودمشق تهدد لبنان باللجوء إلى الأميركيين والسعوديين
رابعاً: تعتقد دمشق أنه لا يوجد أي سبب سياسي أو قانوني يمنع إنجاز المعاهدة القضائية بين البلدين. وقد ناقشت مسودة معاهدة قضائية مع الجانب اللبناني، تضمنت مواد مشابهة للوضع الحالي، وتم الاتفاق على اعتمادها كأساس للبحث. وترى سوريا أن لبنان قادر على التوصل بسرعة إلى اتفاقية، ما لم يتحول الملف إلى مادة للتجاذب السياسي الداخلي.
خامساً: بعد لقاءات عدة عقدت في بيروت ودمشق، أشار السوريون إلى تعديل أدخله وزير العدل اللبناني عادل نصار على المادة العاشرة من مسودة الاتفاقية، حول التزام الحكومة السورية بتنفيذ الأحكام الصادرة بحق السوريين المدانين في لبنان، وأن يقضي هؤلاء بقية عقوبتهم في السجون السورية. إلا أن التعديل الذي أزعج دمشق، كان طلب نصار أن تلتزم الحكومة السورية بإبلاغ لبنان بأي تعديل أو إجراء جديد تتخذه بحق أي من الذين سيسلمهم لبنان إلى دمشق.
إذ بدا الأمر بالنسبة إلى سلطات دمشق وكأنه تجاوز من لبنان للسيادة السورية. وأوضح مسؤولون سوريون (حظي كلامهم بتأييد لبناني)، أن الدولة السورية تمتلك كامل الحق بالتصرف مع الموقوفين بعد تسلمهم وفقاً للقوانين المعمول بها في سوريا، مع تعهّد دمشق بمنعهم من العودة إلى لبنان، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تشكيلهم أي خطر عليه، وحق لبنان بمنعهم من دخول أراضيه.
سادساً: لم يقدّم الجانب السوري أي طلب رسمي بخصوص موقوفين لبنانيين من أنصار الحكم الجديد في دمشق، وما جرى تداوله حول إثارة ملف الشيخ أحمد الأسير غير دقيق. وأشار الجانب السوري في جلسة جانبية إلى أن لبنان يجب أن يأخذ في الحسبان وجود موقوفين لبنانيين في سجونه، تم اعتقالهم على خلفية معارضتهم للنظام السوري السابق، وأن سقوط ذلك النظام يعني انتفاء السبب، مع نصيحة للبنان بإيجاد حل لهم.
على الصعيد العملي، يُراهن في بيروت على دور القاضي كلود غانم في معالجة الثغرات القانونية بعيداً من البُعد السياسي، نظراً إلى خبرته، خصوصاً في المحكمة العسكرية التي تدير الملف القانوني لغالبية الموقوفين والمحكومين السوريين. وتسعى دمشق في المقابل إلى فهم الأبعاد الشخصية والسياسية لموقف وزير العدل اللبناني، علماً أن الأخير ينفي أي نية لعرقلة الاتفاقية.
ومع ذلك، أشار نصار أمام الجانب السوري مرات عدة إلى أن بيروت تريد مساعدة سوريا في القبض على حبيب الشرتوني المطلوب قضائياً في لبنان، وتقديم معلومات عن الكتائبي بطرس خوند المفقود منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وأكدت دمشق مراراً أنها لا تملك أي معلومات عن الشخصين ولم تعثر على أي أثر لهما في أراضيها.
نصار: يجب الفصل بين المحكومين والملاحقين
تعرّض وزير العدل عادل نصّار لحملة تداخلت فيها الاعتبارات التقنية بالسياسية، وجرى تصويره على أنّه يعرقل التوصّل إلى تسوية سريعة مع السلطات السورية، وهو ما نفاه نصّار، مؤكداً لـ«الأخبار» أنّه، خلافاً لكل ما يُقال، «إيجابي ومنفتح على التعاون مع السلطات الجديدة في دمشق»، وواصفاً اجتماعاته مع المسؤولين السوريين بأنّها كانت جيدة.
وأضاف: «الجميع يعرف موقفي من النظام السابق، وأفهم خلفية بعض المطالبات السورية، لكن المسألة تتعلّق بآليات قانونية يجب العمل عليها. كل ما قمتُ به هو إعداد مسوّدة اتفاقية قضائية لمعالجة ملف المحكومين أو الملاحقين من السوريين في لبنان. وشرحت للجانب السوري أنّ الاستعجال في هذا الملف لا يرتبط بقرار إداري، بل يحتاج إلى موافقات سلطات ليست من ضمن اختصاصي».
وأقرّ نصّار بوجود ملاحظات سورية، وبأنّ دمشق ترفض رهن الملف بإنجاز قانون خاص في مجلس النواب اللبناني، لكنه اعتبر أنّ الأمر «يندرج في إطار سوء فهم، لأن السوريين طالبوا بجمع حالتي المحكومين والملاحقين، في حين أنّ هناك فرقاً واضحاً بينهما. ففي حالة المحكومين، يمكن للحكومة عقد اتفاق لنقلهم إلى السلطات السورية من دون إصدار عفو عنهم، بحيث يمضي المحكوم بقية مدة حكمه في السجون السورية، من دون أن يُعدّ ذلك تدخلاً في السيادة السورية أو فرضاً لكيفية التعاطي مع قرار النقل».
لبنان لا يعفو عن سجناء بل يسمح بنقلهم الى بلدهم لتمضية ما تبقى من مدة سجنهم والقرار يستثني قتلة العسكريين
ويشدّد على أنّ القرار «سيستثني المدانين بقتل أفراد من القوى العسكرية والأمنية اللبنانية». لكنه لفت إلى ضرورة «معالجة البند المتعلق بالحقوق الشخصية»، إذ إنّ بعض أصحاب الحقوق الشخصية في قضايا تخصّ محكومين يطالبون بضمانات تتيح لهم تحصيل التعويضات المقرّرة لهم، و«هذا البند يجب أن يكون مشمولاً بوضوح ضمن الاتفاقية».
وأوضح أنّ «البند المتعلق بالملاحقين يختلف كلياً، إذ إن وقف الإجراءات القضائية بحقهم يتطلّب صدور قانون عن مجلس النواب، وهذا أمر لا يمكن لوزارة العدل أو للحكومة أن تبتّ به من تلقاء نفسها». وأوضح أنّ لبنان شرح هذه التفاصيل للجانب السوري أكثر من مرة، داعياً إلى «التمييز بين النقاش التقني الهادئ والمزايدات السياسية التي لا تخدم أحداً».
وأشار نصّار إلى أنّ لبنان «لم يشترط لإنجاز الاتفاق أن تقدّم له سوريا أي مقابل»، موضحاً أنّ النقاش مع الجانب السوري تناول ثلاثة ملفات أساسية: الأول يتعلّق بالفارين من وجه العدالة، والذين يتردد بأن بعضهم موجود في سوريا؛ والثاني يخصّ المساعدة في معالجة ملف اللبنانيين المختفين قسراً؛ أما الثالث، فيتعلق بتقديم السلطات السورية معلومات عن أعمال أمنية واغتيالات وقعت في لبنان أيام النظام السابق.
وعن مطالبة جهات لبنانية بأن تشكّل التسوية مع دمشق مدخلاً لمعالجة أوضاع لبنانيين في السجون، أكد نصّار أنّ «هناك مشكلة جدية تتعلق بالاكتظاظ داخل السجون، وملفات عدة تحتاج إلى معالجة». وأوضح أنّ وزارة العدل تعمل على إعداد مشاريع قرارات وقوانين لمعالجة مسألة التوقيف الاحتياطي، وإيجاد آليات تسمح بالتعامل مع بعض الحالات لأسباب صحية أو اجتماعية أو سلوكية، بما يسهم في تخفيف مدة الأحكام وتقليص الاكتظاظ. وأضاف أنّ ما يُطرح أحياناً في هذا السياق قد يندرج في إطار العفو العام، «وهو أمر يتطلب قانوناً خاصاً»، مشدداً على أنّ وزارة العدل «لم يُطلب منها إعداد أي مشروع من هذا النوع حتى الآن».
ما هو مصير الموقوفين اللبنانيين؟
في الاجتماع الأول الذي عقد في مكتب رئيس الحكومة نواف سلام، كان النقاش حول ملف الموقوفين السوريين يواجه بسؤال مركزي من قبل الجسم الحقوقي والقضائي. ولا يقتصر الأمر على البُعد السياسي فقط، بل يشمل البُعد المهني أيضاً، لأن محاولات بعض مراكز القرار في السلطة إتمام عملية إطلاق سراح الموقوفين السوريين بدت، جزئياً، وكأنها تتبنى السردية المقدمة من السلطات السورية الجديدة، التي ترى أن غالبية الموقوفين أو المحكومين قد أدينوا أو لوحقوا بسبب مواقفهم السياسية خلال الحرب السورية، وأن هؤلاء «اعتقلوا في زمن كان لبنان فيه خاضعاً لوصاية النظام السابق وحلفائه في لبنان».
وقال عضو في مجلس القضاء الأعلى لـ«الأخبار» إن الرأي المهني أساسي، لأن الأحكام الصادرة بحق بعض الموجودين في السجون جاءت بناءً على إجراءات قضائية وليست سياسية.
وأضاف أن لبنان كان دائماً يعج بمعارضي نظام بشار الأسد، ولا يوجد أي معتقل سياسي في البلاد، بمن في ذلك اللبنانيون الذين تضامنوا مع «الثورة السورية».
وبناءً عليه، تبين خلال النقاش حول إصدار قانون عفو عام عن السوريين المحكومين أو الموقوفين، أن هناك عقبات سياسية تحول دون تمريره، وأنه سيلقى معارضة غالبية في مجلس النواب. ومع ذلك، أشار بعض الحاضرين إلى إمكانية معالجة الأمر إذا تم إدراج مواد جديدة في مشروع القانون، تسمح بإطلاق سراح آلاف السجناء اللبنانيين، سواء المحكومين أو الموقوفين بجرائم يمكن التعامل معها بطريقة مختلفة عن الجرائم غير القابلة للعفو، على أن يكون القانون حاسماً بعدم إطلاق أي شخص محكوم بجرم قتل عسكريين أو مدنيين لبنانيين.
وعلى هذا الأساس، انطلقت ورشة من الاتصالات شملت بصورة رئيسية جهات سياسية ونيابية وشعبية، ينتمي إليها جمهور كبير من الموقوفين، وتبين مع الوقت أن كل القوى اللبنانية، بما فيها حزب الكتائب و«القوات اللبنانية»، لديها اهتمام بمعالجة أوضاع بعض هؤلاء في السجون، وأعرب كثيرون عن دعمهم للمشروع.
ومع ذلك، وجدت الحكومة أن إنجاز الأمر قد يكون ممكناً عبر معاهدة قضائية تُوقّع بين لبنان وسوريا، ما يحصر العملية بالسوريين، على أن يُبحث لاحقاً في أوضاع الآخرين. وتجدر الإشارة إلى أن التسريبة الوحيدة التي وردت خلال الزيارة الأولى للوفد السوري إلى بيروت، جاءت عندما ذكر أحد الأعضاء أن دمشق «ترى أن على لبنان معالجة ملف الموقوفين أو المحكومين الذين كانوا يتضامنون مع الثورة السورية، بما في ذلك الشيخ أحمد الأسير ومجموعة من عكار، وأن دمشق مستعدة لاستضافتهم إذا أطلقت السلطات اللبنانية سراحهم».
بعد ذلك، انطلقت حملة تركزت في الجانب السياسي منها على ملف الأسير وبعض إسلاميي الشمال، لكن لم تُسجّل أي تطورات لافتة. ورأى البعض أن هناك إمكانية لإيجاد مخرج لبعض السجناء بسبب أوضاعهم الصحية الصعبة، خصوصاً لمن أمضوا عشر سنوات أو أكثر في السجن. وكان لافتاً أن ملف الشيخ الأسير الصحي برز في الأيام الأخيرة، علماً أنه يعاني من أمراض مزمنة تتطلب علاجاً خاصاً.
من جهة أخرى، شرعت القوى السياسية التي بدأت التحضير للانتخابات النيابية في حملة تشمل الدعوة إلى معالجة أوضاع آلاف الموقوفين المرتبطين بجرائم لا تُعتبر خطيرة، مثل السرقة أو تعاطي المخدرات، مع إمكانية التسوية عبر قرار حكومي يستند إلى اجتهادات قانونية أو عبر قانون جديد للعفو.
قطر تضغط على لبنان
نُقل عن مسؤول سوري قوله، في معرض الحديث عن التفاوض مع لبنان حول ملف الموقوفين، إنّ المسؤولين في بيروت «يستخفّون بأهمية هذا الملف بالنسبة إلى السلطات السورية الجديدة، ولا يُظهرون حماسة تعكس فهماً لخصوصيته»، ما يدفع دمشق، بحسب تعبيره، إلى الإصرار على طرحه في كل اتصال أو اجتماع.
وبحسب زوّار العاصمة السورية، أشار المسؤول نفسه إلى أنّ «دمشق تجد نفسها مضطرة إلى الاستعانة بالأصدقاء المشتركين»، موضحاً أنّه في هذا السياق «طُلب من الجانبين الأميركي والسعودي التدخّل لدى المسؤولين اللبنانيين للتعجيل في حسم هذا الملف». ولفت إلى أنّ دمشق أُبلغت بحصول تواصل بين واشنطن والرياض من جهة، مع كبار المسؤولين في لبنان.
في المقابل، لا يشير المسؤولون في بيروت إلى هذه الاتصالات، وإن كان بعضهم يقرّ بأنّ الجانبين الأميركي والسعودي يحثّان لبنان على بناء علاقات متينة مع سوريا ومعالجة الملفات العالقة بطريقة سلسة.
غير أنّ مسؤولاً لبنانياً معنيّاً كشف أنّ السفير القطري في بيروت، سعود آل ثاني، زار عدداً من المسؤولين اللبنانيين وأثار معهم هذا الملف، داعياً إلى معالجته في أسرع وقت ممكن، باعتباره مصلحة مشتركة لجميع الأطراف. وبحسب المسؤول اللبناني، شدّد السفير القطري على أنّ بلاده تتفهم حساسية الملف داخل لبنان، لكنه دعا إلى طيّ صفحة الماضي، ولا سيما أنّ السوريين الموجودين في السجون اللبنانية «اعتُقلوا وحوكموا على خلفية وقوفهم ضد النظام السابق، أو لانتمائهم إلى تنظيمات تتولى اليوم السلطة في سوريا».
6227 سجيناً بينهم 2600 سوري
يبلغ مجموع السجناء في لبنان 6227 سجيناً من بينهم 3539 موقوفاً (نحو 57 بالمئة) و2654 محكوماً (نحو 43 بالمئة). بينهم نحو 2600 سجين سوري، يتوزعون على كل السجون والنظارات ومراكز إصلاح الأحداث. ونذكر أن غالبية السجناء السوريين (70 بالمئة) موقوفون ولم تصدر حتى اليوم بحقهم أحكام نهائية عن القضاء اللبناني.
نحو نصف مجموع السجناء في لبنان موجود حالياً في سجن رومية (3385 سجيناً). ومن بين هؤلاء 1618 موقوفاً و1759 محكوماً. ويلي سجن رومية سجن القبة في طرابلس حيث يسجن 803 سجناء من بينهم 540 موقوفاً و263 محكوماً. سجن زحلة هو ثالث أكبر سجن في لبنان وفيه 648 سجيناً من بينهم 368 موقوفاً و280 محكوماً. أما باقي السجون، فهي صغيرة لا يزيد مجموع السجناء في كل منها على 150 سجيناً، معظمهم موقوفون.
دور فرنسي «تقني» وخلافات على نقاط عسكرية
لا يبدو أن هناك ضغطاً خارجياً كبيراً لإنجاز ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا، إذ إن الجهات الخارجية ترغب أساساً في وضع آلية لضبط الحدود وتتفهم الواقع الحالي. وفيما يسعى لبنان إلى إنجاز الترسيم لكامل الحدود، من منطقة الجولان وشبعا حتى النقطة الأخيرة على الحدود الشمالية الغربية، ترى سوريا أن الوقت غير مناسب للبحث في ملف مزارع شبعا، وقد أبلغت الوزير طارق متري بذلك خلال زيارته الأخيرة، مشيرة إلى أنه «لا يمكن ترسيم منطقة تحت الاحتلال». كما صرحت دمشق بأنها لا تفضل وجود وسيط خارجي بين البلدين، وأن الأنسب هو تأليف لجنة مشتركة تضم اختصاصيين من الجانبين، على أن تُعتمد خرائط ما بعد الانتداب الفرنسي كأساس لترسيم الحدود.
وعلمت «الأخبار» أن الضغط الفرنسي لإنجاز ترسيم الحدود البرية بين سوريا ولبنان أصبح بنداً رئيسياً لدى كل الموفدين الفرنسيين إلى بيروت، وكذلك في الرسائل التي نقلها السفير الفرنسي في سوريا، جان باتيست فيفر، إلى السلطات في دمشق. ويُذكر أن فيفر، المقيم في بيروت، يزور دمشق عدة أيام أسبوعياً.
وفي الزيارة الأخيرة للموفد جان إيف لودريان، جرت مناقشات لتوضيح المهمة الفرنسية التي تهدف إلى تقديم «دعم تقني» للبلدين عبر لجنة تقنية تجتمع في باريس وتضم موفدين من لبنان وسوريا، على أن تُسلم باريس نسخة كاملة عن ترسيم الحدود كما كانت أيام الانتداب الفرنسي. كذلك أعربت فرنسا عن استعدادها لتقديم الدعم اللوجستي لضمان إنجاز العملية بأسرع وقت ممكن.
وفي هذا السياق، يشير السوريون إلى وجود تعقيدات تستدعي التوقف عندها، إذ ثمة تداخل في عدة مناطق بين البلدين، حيث يعيش آلاف اللبنانيين على أراضٍ سورية ويملكون أملاكاً داخل سوريا، والأمر نفسه ينطبق على السوريين في لبنان. وتجدر الإشارة إلى خلاف نشأ أخيراً بين البلدين نتيجة انتشار الجيش اللبناني في مواقع حدودية سبق أن أخلاها الجيش السوري بعد انهيار النظام السابق. إلا أن السلطات السورية طالبت لاحقاً بانسحاب الجيش اللبناني، قبل أن يبلغ وفد عسكري وأمني لبناني الجانب السوري أن هذه المواقع تعود للبنان، وأن وجود الجيش السوري فيها كان بمنزلة «وضع يد»، وسقط الأمر مع سقوط النظام السابق. ويبدو أن المسار يمضي حالياً نحو تسوية على هذا الأساس.
الرضوان آلأخبآࢪية اخر الاخبار المحلية والدولية