️ محمد مهدي برجاوي – الأخبار
لم يكن الضغط المتصاعد على حزب الله في الداخل اللبناني مجرّد تفصيل سياسي عابر. إنه انعكاس لتحوّل أعمق في البيئة التي أحاطت بالحزب لعقود. فالأحزاب والشخصيات التي كانت حتى الأمس القريب حليفة أو على الأقل متفهّمة لخياراته، بدأت تُعيد تموضعها تدريجياً، في محاولة تقود فعلياً إلى تحقيق هدف أعداء الحزب بعزله سياسياً وشعبياً. وهو تراجع يرد في سياق إقليمي متغيّر بدوره، حيث فقد الحزب بعضاً من ركائز تحالفه الخارجي وعمقه الإستراتيجي.
على مدى تاريخه، خصوصاً بعد حرب تموز 2006، اعتمد حزب الله كما يشير الدكتور أدهم صولي في كتابه عن الحزب، على ثلاث دوائر حماية أساسية، هي أشبه بـ«طبقات واقية»، لتأمين قدرته على مواصلة الحرب مع إسرائيل، أو التحضير المستمر لها. وهي: الوحدة الشيعية كخط الدفاع الأول، ثم التحالفات اللبنانية العابرة للطوائف لتوفير غطاء وطني، وصولاً إلى التحالفات الإقليمية التي وفّرت له عمقاً إستراتيجياً ودعماً سياسياً وعسكرياً. وفي حالتنا الراهنة، تتعرّض الطبقات جميعها للاهتزاز بدرجات متفاوتة، ما يجعل الحزب أمام تحدّيات غير مسبوقة في إعادة صياغة علاقاته الداخلية والخارجية.
الدائرة الشيعية: خطّ الدفاع الأول
منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، أدرك حزب الله أنّ بقاءه واستمراره كقوة مقاومة يعتمدان أولاً على بيئته الشيعية الحاضنة. ورغم أن العقد الأول شهد اقتتالاً مريراً مع حركة «أمل» كاد أن يُضعف الصف الشيعي، لكن سرعان ما أدرك الطرفان خطورة الانقسام، ونضجت ظروف إقليمية ساعدتهما في بناء تحالف بنيوي متين، تحوّل مع الوقت، ليكون العمود الفقري لمشروع الحماية الداخلية للحزب.
لكنّ قوة هذه الحلقة الدفاعية لا تقوم فقط على الاعتبارات السياسية أو التعبئة العقائدية؛ بل على شبكة واسعة من البنى التحتية الاجتماعية – الاقتصادية التي بناها الحزب على مدى عقود. فقد أنشأ شبكة من المدارس، والمستشفيات، والمؤسسات الخدمية، ونفّذ مشاريع إنمائية، وأسّس شبكات دعم مالي، كان في مقدّمتها «جمعية القرض الحسن»، ومع الوقت، شكّلت هذه المؤسسات مظلة أمان اجتماعي واقتصادي للبيئة الشيعية. فهي لا توفّر فقط خدمات أساسية في ظل ضعف الدولة، بل تعمّق ارتباط الجمهور الشيعي بالحزب، لجهة اعتباره الضامن لأمنه المعيشي والاجتماعي.
نجح الحزب في بناء تحالف متين مع «أمل» فساعد بيئته اللصيقة على التماسك، ثم جاء تحالفه مع التيار الوطني الحر ليوفّر مظلة محلية أوسع، فيما كان عمقه الإستراتيجي ثابتاً في سوريا قبل التغيير
وفي السياق، فإن برنامج الخدمات له أثره في المستوى الأمني والعسكري، إذ يوفّر الحزب إحساساً بالحماية من الاعتداءات الإسرائيلية ومن الفوضى الداخلية، فيما يعكس وجوده الأيديولوجي – السياسي التجسيد الأوضح للهوية الشيعية المقاومة.
فهو بالنسبة إلى كثير من مؤيّديه ليس مجرّد تنظيم سياسي أو عسكري، بل تجسيد للانتماء العقائدي، وهو تجربة جماعية تُشعر المجتمع الشيعي بوجوده وتماسكه ضمن نسيج متشابك من القيم والرموز. هذا التداخل بين الأمن الاجتماعي والاقتصادي والعسكري والهوياتي يجعل الدائرة الشيعية أشبه بـ«الحلقة الفولاذية» التي تحيط بالحزب.
ومع ذلك، فإنّ هذه الحلقة ليست مُحصّنة بشكل مطلق؛ فمع مرور الوقت، خصوصاً في فترات السلم، ظهرت تساؤلات داخل «البيئة الشيعية» عن الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، كون الدعم المُقدّم من الناس للحزب ليس من دون سقف، وهؤلاء بحاجة إلى إجابات مُقنِعة بشأن مستقبلهم المعيشي وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، خصوصاً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، ومع غياب شخصية كاريزماتية ومحورية في بناء سردية الحزب كالشهيد السيد حسن نصرالله؛ هذه التساؤلات إن لم تُعالَج بفعّالية وشفافية، قد تتحوّل إلى تحدٍّ داخلي يفرض على الحزب تطوير مقاربات جديدة للحفاظ على متانة هذه الحلقة بمرور الزمن.
الدائرة اللبنانية: التحالفات العابرة للطوائف
بعد الانسحاب السوري عام 2005، احتاج حزب الله إلى توسيع مروحة تحالفاته الداخلية لتأمين غطاء وطني يتجاوز بيئته الشيعية. فأقام تحالفاً نوعياً مع التيار الوطني الحر، ونجح في طرح صيغة غير تقليدية، جمعت بين حركة مقاومة ذات مرجعية إسلامية شيعية، وتيار مسيحي ماروني، مانحاً الحزب غطاءً مسيحياً مهماً. بينما كان الحزب يحافظ على علاقات مع قوى وشخصيات من طوائف أخرى لتجنّب عزله بالكامل.
في المدة الأخيرة، ظهرت تبدّلات في مواقف بعض الحلفاء، ليس فقط بسبب الأزمات الاقتصادية والانقسامات الداخلية، بل بفعل تغيّر موازين القوى في المنطقة، وسقوط النظام السوري الذي كان يشكّل عمقاً إستراتيجياً للحزب، إضافة إلى الندوب العميقة التي تركتها الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
وقد دفعت هذه التحوّلات مجتمعة، بعض القوى إلى إعادة حساباتها، وهي تبحث عن مسافة أمان سياسية، ما قلّص الهامش الذي كان مُتاحاً للحزب لعقدين تقريباً.
في مواجهة هذا الواقع المُتغيّر، أدرك حزب الله أن التحالفات القديمة لم تعد كافية وحدها لتوفير الغطاء الوطني. لذلك، اختار أن يرسل إشارات جديدة باتجاه مختلف القوى السياسية، بما فيها تلك التي ناصبته العداء، في محاولة لإعادة صياغة علاقاته الداخلية بأدوات أكثر مرونة. ودعوة قيادة الحزب إلى التعاون على المشتركات الوطنية، والالتفاف حول مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفتح حوار جادّ لإعادة بناء الدولة، هي دعوة عاكسة لرغبة الحزب في تخفيف حدّة الاستقطاب، وإعادة تقديم نفسه كفاعل لبناني جامع وليس كفئة مُغلقة.
كما أن ربط هذه المبادرة بتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية التعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية يعكس سعي الحزب إلى تقاسم عبء المواجهة مع مؤسسات الدولة بدل الانفراد به، وهو بذلك يحاول توسيع دوائر الشرعية الداخلية وتبديد المخاوف من هيمنته. ويكشف هذا التحرك إدراك الحزب أن الحفاظ على الدائرة اللبنانية يتطلّب مقاربة مختلفة تقوم على البراغماتية والانفتاح، لا على الاكتفاء بشبكة التحالفات التقليدية التي تراجعت فعاليتها في السنوات الأخيرة.
سقوط سوريا وتبدّل
أولويات حلفاء للحزب، جعلاه يخسر بعض طبقات الحماية، وفرضا عليه مقاربة تستهدف توسيع دائرة التواصل محلياً وعربياً، مستفيداً من التغوّل الإسرائيلي ليس في لبنان فقط، بل في كل المنطقة
وتأكيداً على الرغبة الدائمة لدى حزب الله في المحافظة على الاستقرار والدخول في التسويات وتوسعة مروحة التحالفات، يمكن العودة إلى الفترة بين عامَي 2005 و2008 التي شهدت اختباراً بالغ الصعوبة لشبكة التحالفات الداخلية للحزب. فاغتيال الرئيس رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان، أنتجا توازنات جديدة في لبنان. وبلغت التوترات ذروتها في أحداث 7 أيار 2008، حين لجأ الحزب إلى قوته العسكرية رداً على قرارات حكومية رأى فيها استهدافاً مباشراً لسلاحه. ومع أنّه أثبت قوته الميدانية، إلا أنّه سارع بعد أيام إلى الانخراط في تسوية سياسية وطنية عبر اتفاق الدوحة، مؤكّداً أنه يفضّل الحلول التوافقية حين تكون الدولة على المحكّ.
الدائرة الإقليمية: التحالفات الخارجية
دائماً ما شكّل التحالف مع إيران وسوريا عمق الحزب الإستراتيجي. بعد تموز 2006، تعزّز دور الحزب وأصبح رأس حربة «محور المقاومة». لكنّه اليوم يواجه بيئة مختلفة: سوريا بنظامها الجديد لم تعد الظهير الآمن، وإيران تحت ضغط العقوبات والحرب المباشرة، وقوى عربية وإقليمية تسعى إلى تسويات جديدة ورسم جديد لخرائط المنطقة تقلّص شبكة الأمان التقليدية للحزب.
وقد أعادت الحروب الأخيرة في المنطقة ترتيب الأولويات الإقليمية، فيما مثّل الاتفاق السعودي – الإيراني نقطة مفصلية خفّفت حدّة الاستقطاب، لكنه لم يتحوّل بعد إلى تفاهمات ملزمة يمكن البناء عليها. ومن شأن الانفتاح بين الرياض وطهران، أن يفتح الباب أمام إمكانية إعادة تشكيل التوازنات في المنطقة، لكنه قد يكون هشاً وقابلاً للانكسار، عند أي تغيير في الحسابات أو ربطاً بتصاعد التوترات.
بالنسبة إلى حزب الله، يشكّل هذا الحوار فرصة مزدوجة: فهو يخفّف الضغط الإقليمي المباشر عنه إذا نجح في تحويل التفاهم إلى شبكة أمان أوسع؛ خصوصاً أن أي تعثّر أو فشل، قد يفتح الباب أمام محاولات عزله أكثر، علماً أنّ التبدّل في مزاج العواصم الخليجية، التي تراقب نتائج هذا الحوار بحذر، قد ينعكس على موقفها من لبنان وعلى قدرتها على التأثير في الملف السوري. وسط هذه التحوّلات، يجد الحزب نفسه، أمام مهمة تعزيز الاعتماد على قدراته الذاتية، وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الآخرين، واستثمار أي فرصة لبناء تفاهمات غير رسمية تضمن الحد الأدنى من التوازن الإقليمي.
وقد جاء تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، والتي طاولت قطر، لتعزّز قناعة الحزب بأنّ إسرائيل لا تتوانى عن استهداف أي طرف ترى فيه تهديداً أو فرصة إستراتيجية، حتى لو لم يكن طرفاً في مواجهة مباشرة معها. وبالنسبة إلى حزب الله، يُعد هذه الاعتداء برهاناً إضافياً على أنّ أحداً في المنطقة ليس بمنأى عن الأطماع الإسرائيلية، وأن الركون إلى التطمينات أو التعويل على الحياد الإقليمي قد يكون وهماً.
وعمد الحزب إلى إدراج هذا الاعتداء في خطابه السياسي، كجزء من دفاعه عن أهمية التمسّك بالسلاح، وما يساعده على إقناع جمهوره الأوسع بأن المواجهة مع إسرائيل ليست خياراً، بل ضرورة وجودية.
ضمن هذا المشهد الإقليمي المتشابك، جاءت مبادرة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تجاه المملكة العربية السعودية لتشكّل منعطفاً محتملاً في مسار العلاقات الإقليمية. وهي دعوة تنطلق من أولوية مواجهة إسرائيل، لكنها تحمل أبعاداً إستراتيجية عميقة.
وقد دفعت هذه التحوّلات مجتمعة، بعض القوى إلى إعادة حساباتها، وهي تبحث عن مسافة أمان سياسية، ما قلّص الهامش الذي كان مُتاحاً للحزب لعقدين تقريباً.
في مواجهة هذا الواقع المُتغيّر، أدرك حزب الله أن التحالفات القديمة لم تعد كافية وحدها لتوفير الغطاء الوطني. لذلك، اختار أن يرسل إشارات جديدة باتجاه مختلف القوى السياسية، بما فيها تلك التي ناصبته العداء، في محاولة لإعادة صياغة علاقاته الداخلية بأدوات أكثر مرونة. ودعوة قيادة الحزب إلى التعاون على المشتركات الوطنية، والالتفاف حول مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفتح حوار جادّ لإعادة بناء الدولة، هي دعوة عاكسة لرغبة الحزب في تخفيف حدّة الاستقطاب، وإعادة تقديم نفسه كفاعل لبناني جامع وليس كفئة مُغلقة.
كما أن ربط هذه المبادرة بتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية التعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية يعكس سعي الحزب إلى تقاسم عبء المواجهة مع مؤسسات الدولة بدل الانفراد به، وهو بذلك يحاول توسيع دوائر الشرعية الداخلية وتبديد المخاوف من هيمنته. ويكشف هذا التحرك إدراك الحزب أن الحفاظ على الدائرة اللبنانية يتطلّب مقاربة مختلفة تقوم على البراغماتية والانفتاح، لا على الاكتفاء بشبكة التحالفات التقليدية التي تراجعت فعاليتها في السنوات الأخيرة.
سقوط سوريا وتبدّل
أولويات حلفاء للحزب، جعلاه يخسر بعض طبقات الحماية، وفرضا عليه مقاربة تستهدف توسيع دائرة التواصل محلياً وعربياً، مستفيداً من التغوّل الإسرائيلي ليس في لبنان فقط، بل في كل المنطقة
وتأكيداً على الرغبة الدائمة لدى حزب الله في المحافظة على الاستقرار والدخول في التسويات وتوسعة مروحة التحالفات، يمكن العودة إلى الفترة بين عامَي 2005 و2008 التي شهدت اختباراً بالغ الصعوبة لشبكة التحالفات الداخلية للحزب. فاغتيال الرئيس رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان، أنتجا توازنات جديدة في لبنان. وبلغت التوترات ذروتها في أحداث 7 أيار 2008، حين لجأ الحزب إلى قوته العسكرية رداً على قرارات حكومية رأى فيها استهدافاً مباشراً لسلاحه. ومع أنّه أثبت قوته الميدانية، إلا أنّه سارع بعد أيام إلى الانخراط في تسوية سياسية وطنية عبر اتفاق الدوحة، مؤكّداً أنه يفضّل الحلول التوافقية حين تكون الدولة على المحكّ.
الدائرة الإقليمية: التحالفات الخارجية
دائماً ما شكّل التحالف مع إيران وسوريا عمق الحزب الإستراتيجي. بعد تموز 2006، تعزّز دور الحزب وأصبح رأس حربة «محور المقاومة». لكنّه اليوم يواجه بيئة مختلفة: سوريا بنظامها الجديد لم تعد الظهير الآمن، وإيران تحت ضغط العقوبات والحرب المباشرة، وقوى عربية وإقليمية تسعى إلى تسويات جديدة ورسم جديد لخرائط المنطقة تقلّص شبكة الأمان التقليدية للحزب.
وقد أعادت الحروب الأخيرة في المنطقة ترتيب الأولويات الإقليمية، فيما مثّل الاتفاق السعودي – الإيراني نقطة مفصلية خفّفت حدّة الاستقطاب، لكنه لم يتحوّل بعد إلى تفاهمات ملزمة يمكن البناء عليها. ومن شأن الانفتاح بين الرياض وطهران، أن يفتح الباب أمام إمكانية إعادة تشكيل التوازنات في المنطقة، لكنه قد يكون هشاً وقابلاً للانكسار، عند أي تغيير في الحسابات أو ربطاً بتصاعد التوترات.
بالنسبة إلى حزب الله، يشكّل هذا الحوار فرصة مزدوجة: فهو يخفّف الضغط الإقليمي المباشر عنه إذا نجح في تحويل التفاهم إلى شبكة أمان أوسع؛ خصوصاً أن أي تعثّر أو فشل، قد يفتح الباب أمام محاولات عزله أكثر، علماً أنّ التبدّل في مزاج العواصم الخليجية، التي تراقب نتائج هذا الحوار بحذر، قد ينعكس على موقفها من لبنان وعلى قدرتها على التأثير في الملف السوري. وسط هذه التحوّلات، يجد الحزب نفسه، أمام مهمة تعزيز الاعتماد على قدراته الذاتية، وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الآخرين، واستثمار أي فرصة لبناء تفاهمات غير رسمية تضمن الحد الأدنى من التوازن الإقليمي.
وقد جاء تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، والتي طاولت قطر، لتعزّز قناعة الحزب بأنّ إسرائيل لا تتوانى عن استهداف أي طرف ترى فيه تهديداً أو فرصة إستراتيجية، حتى لو لم يكن طرفاً في مواجهة مباشرة معها. وبالنسبة إلى حزب الله، يُعد هذه الاعتداء برهاناً إضافياً على أنّ أحداً في المنطقة ليس بمنأى عن الأطماع الإسرائيلية، وأن الركون إلى التطمينات أو التعويل على الحياد الإقليمي قد يكون وهماً.
وعمد الحزب إلى إدراج هذا الاعتداء في خطابه السياسي، كجزء من دفاعه عن أهمية التمسّك بالسلاح، وما يساعده على إقناع جمهوره الأوسع بأن المواجهة مع إسرائيل ليست خياراً، بل ضرورة وجودية.
ضمن هذا المشهد الإقليمي المتشابك، جاءت مبادرة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تجاه المملكة العربية السعودية لتشكّل منعطفاً محتملاً في مسار العلاقات الإقليمية. وهي دعوة تنطلق من أولوية مواجهة إسرائيل، لكنها تحمل أبعاداً إستراتيجية عميقة.
فإذا نجحت، ستُسهٍم في قلب موازين القوى: وتخفّف الضغوط الإقليمية عن الحزب، وتُعيد دمج لبنان في ترتيبات أوسع، وتقلّل المخاطر على الجبهة الشرقية، نظراً إلى تأثير السعودية المباشر في النظام السوري الجديد. وسيُحسب أي تفاهم بين الطرفين كعامل مؤثّر في حسابات دمشق، ما قد يغيّر قواعد اللعبة في بلاد الشام. أما إذا تعثّر ذلك أو فشل، فسيكون مؤشّراً إلى ارتفاع منسوب الضغوط والتوترات في المنطقة، وقد يستخدمه أعداء الحزب لتبرير مزيد من العزلة.
أكاديمي وباحث لبناني