وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة في ذكرى الحرب الإسرائيلية على لبنان، قائلا “مع ذكرى حرب شبه كونية ضمّت أخطر تحالف أميركي – إسرائيلي – أطلسي للخلاص من لبنان وسيادته تفاجأ العالم كله بقدرات وتضحيات لا سابق لها بتاريخ حروب التفاني و السيادة الوطنية والتي انتهت بأكبر صمود أسطوري للمقاومة وأكبر هزيمة أسطورية للجيش الإسرائيلي على تخوم بلدة الخيام الحدودية. ولأن اللحظة لله والتاريخ فلا بدّ أولاً من شكر البيئة اللبنانية التي احتضنت أهل الجنوب والضاحية والبقاع وأكدت أنّ لبنان عائلة وطنية واحدة ودم واحد ومصير واحد، وأنّ البيئة اللبنانية ترفض أي خصومة سياسية لحظة الاستحقاقات الوطنية الكبيرة، وتضعنا مجدداً أمام ضرورة التلاقي والشراكة والتفاني لحفظ لبنان وما يلزم لحمايته بعيداً من سموم اللعبة الخارجية”.
واشار الى أن “قصة أنّ سلاح المقاومة لم يمنع إسرائيل من الدمار والقتل تمهيداً للخلاص منه يلزم عليه أنّ إسرائيل أيضاً لم تمنع المقاومة من الدمار والقتل وعليها أن تتجرد من سلاحها، وكذا الحال مع الصواريخ الإيرانية التي طحنت بعض أهم هياكل إسرائيل العسكرية، ومثله يُقال بخصوص روسيا وما تفعله بأوكرانيا التي تختصر الأطلسي بقيادة أميركا بكل يجري هناك من دمار ونار وإبادة وفظاعات، وهذا ما قاله المبعوث الأميركي توم برّاك الذي أكّد بطريقته أنّ المقاومة اللبنانية قوية لدرجة أنها واجهت أخطر حرب ولم تنهزم بل لم تتزحزح عن الحدود اللبنانية، وأنّ الحل بخنق إيران للخلاص من مقاومة لبنان ، وأن المقاومة حاجز قوة بوجه طموح إسرائيل، وأنه لا سلام بهذه المنطقة، وأنّ المعادلة بالشرق الأوسط “قوي وضعيف” وهناك من يجب أن يخضع بالقوة بعيداً من تفاهة المواثيق الأممية، وكان صريحاً بأنّ تسليح الجيش اللبناني ممنوع، وأن تعزيز أي قوة بوجه إسرائيل ممنوع، وأن أميركا ترى بعين إسرائيل فقط، وأنّ قضية أميركا تختصرها حقيقة “كيف تكون إسرائيل قوية لا لبنان”، و”كيف نجرّد المقاومة من السلاح الوطني لا إسرائيل”، لننتهي إلى حقيقة سيادية مفادها أنّه لا قربان وطني وقوة وجودية أهم من مقاومة لبنان والعقيدة الوطنية للجيش اللبناني، والعين على شعبنا وناسنا وشراكتنا الوطنية ووجودنا التاريخي وإصرارنا على حماية لبنان من الفتنة الخارجية وبعض الأبواق الداخلية”.
ولفت الى ان “اللحظة الآن لمطالبة السلطة السياسية بردّ يليق بفجاجة توم برّاك وما تعنيه السيادة الوطنية و وحدة اللبنانيين وخطر السرطان الإسرائيلي المدعوم بالخرائط الأميركية وترسانتها المُعدّة لابتلاع المنطقة، على أنّ الخلاصة الوطنية لهذه الحرب الكونية على لبنان تؤكّد عظمة المقاومة وتجردها الوطني وقدرتها الأسطورة وحرمة الدم اللبناني وعظمة البيئة اللبنانية التي جمعت الطريق الجديدة بالضاحية الجنوبية وأكّدت أنّ جبل عامل وجبل كسروان وجبل الموحدين الدروز وبيروت العاصمة مصير واحد، وأنّ النبطية وصيدا وصور ومرجعيون والبقاع والشمال خندق واحد، وأنّ الذمة اللبنانية ذمة وطنية واحدة، وأنّ ما يصيب الجنوب يصيب كل لبنان”.
ورأى قبلان أن “هذا ما يجب أن تفهمه السلطة ال سياسة الحالية التي يُفتَرض بها الدعوة إلى احتفال وطني يليق بأكبر حرب سيادية وأكبر صمود أسطوري يشهده لبنان، لأنّ الدفاع الأسطوري للمقاومة كان لكل لبنان بصيغته الوطنية الجامعة للمسيحيين والمسلمين، وتحت هذا المعنى لا بدّ من الالتفات إلى أن دور الشيخ والبطريرك يبدأ من أُبُوّة هذا الوطن وقداسة الدور الجامع لبلدنا لبنان، وأنّ عظمة المسجد والكنيسة مقرونة بعظمة التلاقي والمحبة و الشراكة الوطنية ، واللحظة لتكريس مصالح لبنان لا إسرائيل، ووحدة لبنان لا تمزيقه، وقوة لبنان لا ضعفه، والعين على وحدة العرب والدول الإسلامية، والسعودية بهذا المجال أخ كريم وسند وثيق وحاجة لبنانية وعربية وإسلامية، ولا شيء أهم لهذه المنطقة من شراكة إيرانية سعودية مصرية تركية باكستانية، والتحية كلّ التحية لأهل الجنوب والبقاع والضاحية الذين يحملون أشلاء لبنان على ظهورهم و تاريخ لبنان فوق دماء قرابينهم، وكل الشكر لمن آثر على نفسه من أهل الجبل وبيروت والشمال، واللحظة للتاريخ، ولا شيء أشدّ وزناً عند الله والإنسان من الأجساد التي تفانت بالأرض ليبقى وطن إسمه لبنان، وللحظة المصير بكلّ ما يعنيه مصير البلد”.