كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور علي فياض في الذكرى السنوية الأولى لشهادة الأمينين العامين ‏لحزب الله في بلدة تمنين التحتا – البقاع: ‏

بسم الله الرحمن الرحيم

في الذكرى السنوية لشهيدينا العزيزين التي نحييها اليوم، نعتبر أنفسنا أصحاب العزاء، ليس بحكم القرابة فحسب، إنما ‏أيضاً لأن الذكرى السنوية الأولى، إنما تحولت الى مناسبة عامة، يختلط فيها الحزن الشخصي والعائلي، بالمشاعر ‏العامة التي تعيشها بيئتنا ومجتمعنا وأمتنا، حزناً واعتزازاً بكل شهدائنا، وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة سماحة السيد ‏حسن نصر الله.‏

نستعيد ذكراهم جميعاً، عطاءاتهم وتضحياتهم، من أي شهيد قضى وحيداً في حاكورة منسيّة أو وادٍ معزول أو مغارةٍ ‏في الجنوب، وهو يقاتل بروح استشهادية في مواجهة أعتى آلة عسكرية إسرائيلية وأكثر التقنيات تطوراّ وافتراساً، ‏الى شهدائنا القادة الذين قرنوا القول بالفعل، مؤكدين مصداقية المقاومة ومصداقية حزب الله، عندما قضى الله عزّ وجل ‏أن يتوِّجوا مساراتهم الجهادية بالشهادة، وهي أعلى مقام يرجوه كل مؤمن.‏

في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد سماحة السيد حسن نصر الله وسماحة السيد هاشم صفي الدين (رضوان الله ‏عليهما) وأمام الحشود الهائلة التي شاركت بإحياء ذكراهما بالأمس، على كل المعنيين، بالداخل أو الخارج، أن يقرأوا ‏الدلالات جيداً، إن مقاومتنا، ليست مجرد تنظيم عسكري مسلح، إنما هي مجتمع ممتدٌ وصلب، وتيار شعبي عابر ‏للطوائف والمذاهب، وأن حزب الله، لا زال عبر شعبيته ومؤيديه، الحزب الأكبر في لبنان من حيث الامتداد ‏والفاعلية، وهذه الدلالات ليست للتباهي أو التشوُّف أو الترهيب، بل مدعاة للآخرين للتعقُّل والواقعية والعودة الى ‏الواقع بدل الانفصال عنه، لأننا نحن جميعاً كلبنانيين، نحن والآخرين، نشكِّل الدولة والسلطة والمجتمع والكيان وفي ‏لبنان خصوصية ميثاقية وتوافقية، لا يوجد لها مثيل في أي بلد آخر، لهذا لا بد من التفاهم والحوار كي نقف في مكان ‏وسط لا يؤذي أحداّ ويفتح الطريق إلى استقرار الدولة واستعادة السيادة، ووقف الاعتداءات، وإطلاق مسار التعافي.‏

إن منطق الدولة في لبنان يمرُّ عبر منطق التوافق ولا يتعارض معه، وأن منطق المؤسسات والقانون، يجب أن لا ‏يتعارض مع المصالح الوطنية العليا، أو أن يُستخدم في تهديد الاستقرار الداخلي.‏
كما إن التمسك بمنطق الدولة والقانون، تستدعي أولاً وقبل أي شيء آخر، الابتعاد عن الخفَّة وقلة المسؤولية والنكد ‏وسؤ التقدير والاستهانة بالحساسيات اللبنانية الداخلية.‏

لقد مرّ عام على الحرب، وهو كفيل بتظهير المشهد الذي يخيِّم على الوضع اللبناني، بوضوح شديد.‏
ويتيح تقويم المقاربة التي حكمت التعاطي مع استحقاقات العام الفائت.‏

أمامنا، مسار ميداني، أمعن فيه الإسرائيلي بالأعمال العدائية والاغتيالات، والاستمرار باحتلاله للمواقع اللبنانية، ‏وأمامنا “إطار قانوني” هي لجنة الميكانيزم التي أخفقت إخفاقاً ذريعاً في فرض وقف إطلاق النار على الإسرائيلي، بل ‏ذهبت إلى تغطيته والتواطؤ معه، والانضمام الى جوقة الضاغطين على الحكومة اللبنانية ‏
وأمامنا مواقف سياسية وعسكرية إسرائيلية وأميركية، تخلو من أي ضمانات أو وعود مستقبلية حول الانسحاب من ‏لبنان أو احترام السيادة اللبنانية، والذهاب بالمقابل من قبل “توم باراك” للحديث عن وهم السلام والإخضاع لصالح ‏إسرائيل وتسليح الجيش اللبناني للقتال الداخلي.‏
هذا دون أن نغفل المواقف الإسرائيلية التي تتحدث عن أحزمة واتفاقات أمنية ومنع عودة السكان إلى المنطقة ‏الحدودية، والتطبيع وإسرائيل الكبرى وغيرها.‏
لقد بات التغوُّل الإسرائيلي حافزاً لقوى إقليمية عديدة لإعادة تقويم تموضعاتها وتحالفاتها في ضوء الجموح الإسرائيلي ‏المشار إليه، في حين أن لبنان في عين العاصفة الإسرائيلية، وهو أولى من غيره بالتقويم.‏

إذًا نحن أمام أفق أميركي-إسرائيلي مسدود وقاتم وخطير على المصالح والاستقرار في لبنان. وإن ذلك، يجب أن ‏يشكل دافعاً لإعادة تقويم المقاربة الرسمية اللبنانية، وإن ركيزة هذه المقاربة يجب أن تستند إلى حق لبنان في الدفاع ‏عن نفسه في مواجهة الأعمال العدائية الإسرائيلية، وتعليق كل مسارات المعالجة على إلزام إسرائيل بالانسحاب من ‏المواقع اللبنانية والتزام وقف إطلاق النار ووقف الاغتيالات والسماح بعودة سكان القرى الحدودية إلى قراهم، ‏وإطلاق عملية إعادة الإعمار ولو بإمكانات محدودة، واعتبار موضوع حصرية السلاح شأن سيادي لبناني يعالج في ‏إطار استراتيجية الدفاع الوطني، ومن شأن هذه المقاربة أن تعيد اللحمة بين اللبنانيين وتشكل إطاراً لتفاهم السلطة مع ‏المقاومة، مما يساعد على تصليب الموقف اللبناني وتعزيزه في مواجهة الضغوطات الخارجية.‏

الإثنين 29-09-2025‏
‏06 ربيع الثاني 1447 هـ

شاهد أيضاً

النائب حسين الحاج حسن: الانتخابات القادمة عهدٌ للسيد نصر الله ولشهداء المقاومة… والاستقواء بالخارج تفريطٌ بالسيادة

أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسين الحاج حسن أنّ هناك مسعى دولياً وإقليمياً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *