️ الـبـاحـث عـلـي حـسـن مـراد – الأخـبـار
ربطاً بإعلان رئيس مجلس الوزراء نواف سلام من صيدا مواصلة الحكومة «حشد الدعم السياسي والديبلوماسي، الإقليمي والدولي…
لإلزام إسرائيل تنفيذ ما عليها من التزامات، ووقف اعتداءاتها المتكرّرة على أراضينا وأجوائنا ومياهنا، والانسحاب الكامل من جنوبنا والإفراج عن أسرانا».
أصبح من المفيد الكشف عن بعض الوقائع من خفايا عملية الحشد التي تحدّث عنها دولة الرئيس.
وذلك لطمأنة اللبنانيين المتضرّرين من استمرار اعتداءات كيان العدو، وأيضاً للتاريخ، الذي سينصف لاحقاً كل ذي مسؤولية، بناءً على ما فعل.
في 12 تشرين الأول الجاري، أعلن الرئيس نواف سلام أنه وجّه وزير الخارجية بتقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن…
بشأن العدوان الإسرائيلي الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح.
وإن كانت الشكوى الوحيدة حتى الآن، إلا أنّه من الملاحَظ أنّها تجاوزت «الميكانيزم»
وأعادت الاعتبار إلى القواعد السليمة وفقاً لما تنص عليه حقوق الدول في تثبيت حقوقها لدى «المجتمع الدولي».
الواقع هو أنّ هذه الخطوة كانت ضرورية لإنجاح مسار الحشد السياسي والديبلوماسي الذي تحدّث عنه الرئيس سلام، وفي ما يأتي بعض من وقائع هذه العملية.
كشف مصدر رسمي واسع الاطلاع أنّ رئيس الحكومة، وبالتنسيق الكامل مع رئيس الجمهورية…
عمد قبل أسبوعين إلى تشكيل لجنة متخصّصة مهمّتها بحث تفعيل أدوات ضغط على العدو الإسرائيلي.
وفي عقر دار ساحة النفوذ الأساسية التي يستند إليها الصهاينة، أي الولايات المتحدة.
فكرة هذه الخطوة تنطلق من حقيقة حصول تحوّل في الرأي العام الأميركي تجاه كيان العدو.
مع فقدان حكومة العدو السيطرة على السردية وفشلها في قمع وتكميم أفواه رموز وقيادات من قاعدة الرئيس الأميركي الشعبية (MAGA).
وقد تبلورت فكرة لتدشين برنامج ضغط بناء على هذه المعطيات من داخل المؤسسات الأميركية.
وعبر فتح قنوات تواصل مع التيار المعارض لسياسات بنيامين نتنياهو، للاستفادة من الموجة الضاغطة على العدو…
لإقناع هذا التيار بتبنّي قضية لبنان الساعي إلى إجبار العدو على وقف خروقاته لاتفاق وقف الأعمال العدائية، الموقّع في 27 تشرين الثاني 2024.
بحسب المعلومات المتوافرة، تتألّف اللجنة من أكاديميين وصحافيين وديبلوماسيين حاليين وسابقين ومختصّين في منصات التواصل الاجتماعي
وقد اجتمع أعضاء اللجنة مرّتين حتى الآن، لإقرار برنامج الضغط المنوي تنفيذه في واشنطن.
وقد استند أعضاء اللجنة إلى مجموعة مؤشرات وحقائق ضمن موجبات تبنّي خطوات برنامج الضغط.
منها، على سبيل المثال لا الحصر، أنّ أحدث استطلاع رأي صادر عن مؤسسة PEW الإحصائية الشهيرة…
فإن 60% من الأميركيين باتوا يملكون رأياً غير مؤاتٍ لحكومة نتنياهو — في ارتفاع من 51% في مطلع 2024.
كذلك، تشير تقديرات معهد بروكينغز إلى أنّ الجمهوريين الشباب (18-49 عاماً) الذين كانوا في السابق أقل انتقاداً لكيان العدو، بات نصفهم تقريباً يحملون رأياً غير مؤيد الآن.
ومن مؤشرات التحوّل غير المسبوق أنّ تل أبيب وظّفت جماعات ضغط لاستهداف الكنائس الإنجيلية في أميركا…
بميزانية تُقدَّر بـ 3.2 ملايين دولار لشراء النفوذ الديني والدعم الإعلامي هناك.
في مؤشر إلى أنّ تل أبيب فقدت السيطرة على السردية حتى في الكنيسة الإنجيلية، التي كان ولاؤها المطلق لتل أبيب حتى الأمس القريب في الجيب.
وتشير معطيات وتحليلات نخب أميركية إلى أنّ هذا التحوّل الحاصل في الولايات المتحدة ضد كيان العدو…
كان أحد الأسباب الأساسية التي دفعت نتنياهو أخيراً إلى قبول «خطة ترامب» لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
رغم معارضة أقطاب اليمين الديني في حكومته لمبدأ وقف الحرب.
هذه المعطيات كانت مشجّعة لإطلاق عمل اللجنة اللبنانية، التي تتسلّح اليوم بهذه الوقائع والتطورات
وتعتبر أنّ المناخ أكثر من مؤاتٍ لإجبار العدو على الانصياع عبر الضغط السياسي والإعلامي والديبلوماسية الشعبية لالتزاماته بموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية مع لبنان.
وتنصّ الخطة التي أقرّتها اللجنة على الخطوات الآتية:
1. توقيع عقدَين مع جماعتَي ضغط (lobbying firms) أميركية متخصِّصة:
تماماً كما فعلت حكومة نتنياهو أخيراً (أي توظيف جماعات ضغط مؤثّرة في واشنطن).
يتعاقد لبنان مع جماعة ضغط محترفة في العمل داخل الكونغرس الأميركي (الأرجح أنّها جماعة BGR التي تتعاقد معها السعودية وبعض الدول العربية)
مهمتها توجيه رسائل إلى أعضاء مجلس النواب الأميركي، وكبار مساعدي لجان الشؤون الخارجية، والقانونية والمخصّصات، ونظيراتها في مجلس الشيوخ.
هذا النوع من جماعات الضغط تملك شبكات علاقات في الكونغرس ووسائل الإعلام الأميركية.
وتستطيع دفع قانونيين أميركيين لإثارة جدل حول عدم التزام العدو باتفاق وقف النار الموقَّع في 27 تشرين الثاني 2024.
كذلك يتعاقد لبنان مع جماعة ضغط أخرى اختصاصها الإعلام بشقَّيه التقليدي والجديد
مهمّتها الترويج لموقف لبنان في قضيته العادلة في وجه تل أبيب، وتعمل على إيصال تقارير الخروقات ومواقف المسؤولين اللبنانيين إلى وسائل الإعلام الأميركية وعبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.
عملية التعاقد مع الجماعتَين ليست مكلفة، فبأقل من 80,000 دولار شهرياً تحصل عملية الاستفادة.
2. بناء وتحالف مع شبكات تأييد أميركية ناقدة للعدو:
اتفقت اللجنة على إطلاق مبادرات مشتركة مع منظّمات أميركية تُعارض الحروب والنفوذ الإسرائيلي في أميركا.
وهذه المنظّمات متنوعة التوجّهات من اليمين واليسار، لكنها تتفق حالياً على ضغط تل أبيب ورفض حروبها واعتداءاتها على شعوب المنطقة واستغلالها للقوة الأميركية.
وعُلم أنّ القيّمين على اللجنة قرّروا التواصل مع بعض الأحزاب والجمعيات والروابط اللبنانية العاملة في لبنان أو في الاغتراب، وطلب الاستعانة بعلاقاتها مع هذه المنظمات المتنوعة.
وسيجري العمل في هذا المسار على عقد مؤتمرات مشتركة، وتقديم أدلة وبيانات رسمية لبنانية عن الخروقات الإسرائيلية في الجنوب والبقاع، تُعرض على الحضور والمشاركين.
وكذلك دعوة الباحثين الأميركيين المهتمين بتتبّع تأثير اللوبي الإسرائيلي وممارساته.
وتزويدهم بنسخ باللغة الإنكليزية من تقارير أبحاث لبنانية عن ممارسات العدو على امتداد الصراع.
3. مخاطبة النخب الأميركية الناقدة وإشراكهم في القضية اللبنانية:
ستعمل اللجنة على التواصل مع نخب ومثقفين وكتّاب وصحافيين استقصائيين وتوجيه دعوات لهم لزيارة لبنان على نفقة الحكومة اللبنانية (تماماً كما يفعل كيان العدو)
لإتاحة الفرصة أمامهم للاطلاع على ما فعله العدو خلال الحرب، ولكن الأهم ما فعله بعد الحرب من تدمير واعتداءات على اللبنانيين وأرزاقهم.
هذه العملية ليست مكلفة، وهي مفيدة جداً بنقل صورة عن حقيقة الارتكابات الصهيونية في لبنان وخاصة في القرى الجنوبية
وهي تسهم بالحد الأدنى في إنتاج أبحاث وتحقيقات صحافية وتقارير وأفلام تساعد على إيصال صوت لبنان بفاعلية للجمهور الأميركي.
بما يعزّز من فرص فتح ملف لبنان في الصحافة الأميركية.
لدى أعضاء اللجنة، بحسب المعلومات، قناعة بأنّ هذا الأسلوب أقوى من مجرد إرسال بيانات من بيروت.
4. إصدار ملفات موثقة باللغة الإنكليزية حول خروقات العدو لاتفاق وقف النار:
أقرّت اللجنة إطلاق تقارير فصلية مرفقة بأدلة فوتوغرافية، صور الأقمار الصناعية، شهادات لبنانية…
تُترجَم إلى الإنكليزية وتُوزَّع في جلسات الكونغرس، وفي ورش الصحافة الأميركية، وذلك بالاستعانة بجماعتَي الضغط المتعاقَد معهما.
الهدف من هذا المسار هو جعل الإعلام الأميركي نفسه شاهداً، والطلب من أعضاء الكونغرس الأميركي أن يسألوا الإدارة الأميركية:
«هل تأخذون لبنان على محمل الجد؟ وهل سيبقى التزام إسرائيل باتفاق وقف النار دون مراقبة ومحاسبة؟».
5. مبادرات برلمانية ديبلوماسية متوازية:
اتفق أعضاء اللجنة على إرسال وفود من النواب اللبنانيين إلى واشنطن — ليس لغرض المجاملة.
بل لحضور جلسات استماع في الكونغرس، التحدّث أمام لجان فرعية (كما تفعل دول صغيرة قوية)
ولقاء الصحافيين الأميركيين في مبنى الكابيتول ومكتبة الكونغرس ووسائل الإعلام الكبرى، للإضاءة على معاناة الجنوب والبقاع.
6. الاستعانة بالحلفاء في الولايات المتحدة:
هناك قناعة لدى الرئيس سلام وكل أعضاء اللجنة على أنّ عودة لبنان الفاعلة إلى «الحضن العربي» فرصة مهمة لا ينبغي تفويتها…
لناحية الاستعانة بالأشقاء العرب، الذين يملكون باعاً طويلاً وقوياً في توظيف جماعات ضغط وامتلاك شبكات علاقات عبر السفارات العربية مع المجتمعات المدنية في الولايات المتحدة.
لذلك، أقرّت اللجنة توصية للحكومة بمخاطبة العواصم العربية وجامعة الدول العربية
والطلب منها بأن تساعد لبنان في مخاطبة النخب السياسية ووسائل الإعلام والمنظّمات والمؤسسات…
عبر توظيف إمكاناتها بالقدر المتاح لإيصال صوت لبنان، المؤمن بأنّ الخيار الوحيد المتاح هو المسار الديبلوماسي والسياسي والإعلامي والقانوني.
ختاماً، كل ما ذُكِر من وقائع وتفاصيل هو من نسج الخيال، وهو غير صحيح…
ولم يتّفق رئيس الوزراء مع رئيس الجمهورية على تشكيل أي لجنة، ولم تُسجَّل أي خطوة في هذا الإطار حتى الآن.
التقرير، وإن كان ساخراً أو مبنياً على وقائع وسرد لم يحصل، إلى أنّه يحتوي على أفكار من المفيد للحكومة الموقّرة أن تستفيد منها وربما تتبنّاها.
هذا إذا افترضنا بصدق بأنّ لدى رئيس الحكومة ومن يقود قرار السلطة حالياً نيّة الجدّية في التحرّك حيث يجدي التحرّك.
لا يمكن لأي متابع أن يقتنع بأنّ رموز الدولة لا يملكون مستشارين وموظفين وظيفتهم رفع تقارير عن التطورات الحاصلة في الغرب وفي أميركا تحديداً.
لا يمكن أن نتقبّل فكرة أنّ هذه الدولة لا تعرف بأنه أنسب وقت لإثارة قضية عدم التزام العدو بمندرجات اتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في 27 تشرين الثاني 2024، داخل الولايات المتحدة.
كيان العدو الإسرائيلي يمرّ حالياً بأسوأ ظروف مرّت عليه منذ تأسيسه عام 1948، من حيث صورته وافتضاح حقيقته البشعة، حتى لدى قاعدة ترامب.
لم يفُتْ الأوان بعد، يا دولة الرئيس!
الرضوان آلأخبآࢪية اخر الاخبار المحلية والدولية